مجلة لقمان
مقتطفات من النثر في الجاهلية وصدر الإسلام
Authors
شوقي عبد الأمير
Publishers
منشورات الجمل
$ 12
إذا كان الشعر الجاهلي مرآة الأنا العربية الغنائية فإن النثر الجاهلي هو مرآة المجتمع العربي وحكمته ومن هنا تأتي أهمية تكامل الصورة بين الشعر والنثر الجاهلي لكي نفهم بشكل أكبر وأوضح صورة المجتمع العربي في أهم مراحل تكوينه ونكتشف أسراراً وخبايا وتجليات للغة العربية في أجمل مراحل سطوعها وانتشارها في الجزيرة والعالم القديم. إن أسماء مثل "قس بن ساعدة الأيادي" و"أكثم بن صيفي" و"أمامة بنت الحارث" لترقى في النثر إلى أسماء مثل "طرفة بن العبد" و"زهير بن أبي سلمى" و"الخنساء" في الشعر وكان أحرى بمؤرخينا في الأدب العربي عدم إهمال هذا النوع من الأدب الرفيع الذي شكل غيابه نقصاً أساسياً في ملامح تراثنا الأقدم والأغنى بما لذلك من انعكاس على صورة الهوية العربية بأكملها. يكشف لنا "النثر الجاهلي" أيضاً وجهاً آخر من عبقرية اللغة العربية التي حفظنا عنها الشعر فقط في مرحلة نشؤها ولهذا ظلت الصورة عن نشوء وتطور اللغة العربية مرتبطة بالقصيدة، والشعر الجاهلي. ولم تصلنا صورة النثر إلا متأخرة بعد العصر الأموي وفي أوائل العصر العباسي مع عبد الله بن المقفع ومن ثم الجاحظ وأبي حيان، ذلك لأننا لم نتوقف ولم نعتن بالنثر في الجاهلية وفي صدر الإسلام طغى "القرآن" ولغة القرآن الذي لم تصنفه العرب لا شعراً ولا نثراً بـ"قرآن"، على شعر ونثر مرحلة صدر الإسلام وهكذا تمتد المسافة بين أقدم النصوص الأدبية العربية التي وصلتنا وهي الشعر (200 سنة قبل الإسلام)، أي منذ أوائل القرن الرابع الميلادي وحتى القرن التاسع الميلادي، بما لا يقل عن أربعة قرون لم نعرف فيها شيئاً عن النثر... إن مثل هذه الفجوة الهائلة في تأريخ الأدب العربي هي التي جعلت صورة أدبنا شعرية بشكل صاغ وغيبت رافداً مهماً من روافد الإبداع يحمل في طياته دلالات وخصوصيات إبداعية اجتماعية وفكرية ما زال غيابها ملحماً ناقصاً في صورة مجتمعنا وثقافتنا وبالتلاي هويتنا. إن المادة الفكرية والفنية والتقنية وحتى اللغوية التي يحملها لنا النثر تختلف كلياً عن ما يحمله الشعر. فعندما تقرأ أكثم بن صيفي: "العقل بالتجارب، الصاحب مناسب، الصديق من صدق غيبه. الغريب من لم يكن له حبيب، رب بعيد أقرب من قريب، القريب من قرب نفعه، لو تكاشفتم ما تدافنتم... تباعدوا في الديار وتقاربوا في المحبة. أي الرجال المهذب". فأنت تجد في مثل هذا النص قطعة نادرة في جمال الصياغة والإيجاز وعمق الدلالة وروعة الآداء، لا يوجد نظير لها في الشعر الذي يختلف في أدائه وفلسفته وخطابه. كما أننا نجد في الجملة الأخيرة تداخل مع الشعر الجاهلي في نص لـ"النابغة الذبياني": "ولست بمستبق أخاً لا تلومه على شعث أي الرجال المهذب". كذليل على أهمية استخدام النثر وشيوعه في تلك الفترة. تضم هذه المختارات فصوصاً متناثرة لعقد عربي دفين يقدم إلى الملايين من قراء العربية في خطوة تأتي تأكيداً وإثراءً لمسيرة الثقافة العربية واستكمالاً لتراثنا الإبداعي.
- Add to wishlist
-
(0)
Related Books
-
Out of Stock
-
Out of Stock