من يصنع الديكتاتور صدام نموذخا
Authors
سلام عبود
Publishers
منشورات الجمل
$ 12
صدرت كتب كثيرة في العالم. تناولت شخصية الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وطفولته وعالمه السري وفظاظته في الحكم، وسلوكياته الهمجية وطغيانه وصعوده إلى السلطة وتربيته وثقافته البعثية، ورواياته، وشعره وماجداته وحاشيته ومقتلاته ومجازره. فقد بات صدام نموذجا فظا للديكتاتور العربي والعالمي، هذا ما يبينه الروائي والباحث العراقي سلام عبود في كتابه «من يصنع الديكتاتور؟ (صدام حسين نموذجا) وسبق ان اصدر في السياق نفسه كتاب (ثقافة العنف في العراق) 2002عن دار الجمل. يسطّر سلام عبود في كتابه الجديد، أحداثاً وشواهد تاريخية وأقاويل سياسية منتقاة ليصل إلى حقيقة صنع ديكتاتور بوزن صدام حسين... هذا الموضوع الشائك الذي قلب الكثير من الموازين بدءاً بالأخلاقية والإنسانية والاجتماعية، وصولاً إلى بوادر تغيّر جدية في الخارطة الجغرافية للمنطقة. يحاول عبود من خلال كتابه أن يصوّر الديكتاتور كأنه نبتة انبثقت في أرض خصبة تتمثل في المجتمع العراقي وتاريخه! ويسلّط الكتاب الضوء على شواهد تاريخية لفترات زمنية مختلفة، منها ما هو معاصر، يتعلق بتركيبة المجتمع العراقي وتكوينه النفسي والاجتماعي والسياسي، أكثر مما يتعلق بصدام حسين. الكتاب يعتمد اتجاهين لصيقين: «بنية المجتمع العراقي و«بنية الديكتاتور. وكثيراً ما نجد المادتين تجتمعان في عبارة واحدة أو موضوع واحد، وخصوصاً حين يضع الكاتب أمامنا العديد من الظواهر التي طرأت على المجتمع العراقي منذ بداية الحكم الديكتاتوري حتى يومنا هذا، ليسلط الضوء على تلك القوة التي صنعت الديكتاتور وأدّت دور البوابة الواسعة لتنفيذ كل مخططاته. من بين تلك الظواهر، ظاهرة «أسوأ الاحتمالات التي وصفها بأنها نظرة المجتمع إلى الواقع عبر إجراء مقارنات دونية لا يمكن أن توصف إلا بحالة إذلال مستشرية داخل النفوس، وذلك من خلال المفاضلة بين شر وشر، قاتل وقاتل، إيران أم أميركا، صدام أم بوش، القاعدة أم المحافظون الجدد... ثم ظاهرة «استخدام التاريخ مادة لتثبيت التهم، لا موضوعاً للدراسة. لا يبتعد المؤلف عن الاطروحات المعروفة ازاء تحليل اسباب قسوة صدام حسين كشخص، باحالتها على قسوة حياته في السنوات الاولى لنشأته واليتم المبكر الذي تعرض له. فقد اظهر صدام طفلا شريرا يتسلى بتسخين قضبان حديد يبقر فيها بطون الحيوانات، ولا يتوانى عن وضع الافاعي في جيوب المعلمين الذي لا يكن لهم الود. مثل هذا السلوك، ولكن على نحو أقل وحشية، نجده في كتاب «دولة الاذاعة، لابراهيم الزبيدي، صديق طفولة صدام. الزبيدي هذا بعثي قديم، عمل مع الاميركيين في مشروع اعادة الديموقراطية إلى العراق. وفي كتب اخرى يتحدثون ان صدام غادر طفولته مبكرا بسبب تعرضه للضرب على يد زوج والدته. لكن هل كانت طفولة صدام ونشأته هما العامل الحاسم في جعله ديكتاتورا، أم أن العالم السياسي هو الذي خلق من هذا الطفل المنبوذ البائس ظالما، «عظيم الطغيان؟ ليس جميع الذين رصدوا حياة صدام حسين وصلوا إلى ما وصل إليه الكتّاب الذين عرضهم سلام عبود، فالكاتب مارك بادون يرى غير ذلك في «قصة طاغية، إذ يعتقد بوجود تغيير دراماتيكي في شخصية صدام حيّر عددا كبيرا من المراقبين الاجانب، بما جعل تصرفاته وأفعاله تحيّر حتى خبراء علم النفس. يبين عبود ان صدام حسين، كديكتاتور، لم يحقق سماته الفردية الاستثنائية من دون وجود جيش من المثقفين والكتّاب قاموا بصناعة صفات الديكتاتور. لان الديكتاتور لا يصنع صفاته كلها بنفسه، بل يصنعها له جهاز ارتزاقي، متحجر القلب، لا هدف له سوى تلفيق صورة كاذبة وخادعة عن الديكتاتور ومآثره السياسية والاجتماعية والعقلية، لكي تكون الصورة الوحيدة المعروضة امام المجتمع. فقد سعى جيش من المفسدين من المثقفين والأدباء إلى تدعيم فرادة الديكتاتور صدام حسين ليس بكلمات المديح الشعرية وحدها، وإنما أيضا بالتنظيرات الكاذبة الممجدة للقوة والحرب، كجزء أساسي من منطلق العنف الذي يقوم عليه بناء الديكتاتور النفسي ومشروعه السياسي. ولم يكتفوا بذلك، بل سعوا إلى جعل الديكتاتور خبيرا فريدا وعالما بكل شيء، وراحوا يدعمون ذلك بالامثلة الحسية المستقاة من واقع الحياة ومن التاريخ.
- Add to wishlist
-
(0)
Related Books
-
Out of Stock