شخصية الفرد العراقي Out of Stock

Authors علي الوردي

Publishers دار الوراق للنشر لندن, الفرات للنشر والتوزيع لبنان

$ 3

إن معايير التفكير وقوانينه، في الواقع، تؤخذ من مصطلحات المجتمع وتبنى على أساس قيمة وتقاليده. ومن الصعب جداً أن تقنع أمراءاً على رأي يخالف ما تعود عليه من مصطاحات إجتماعية. أنظر مثلاً إلى رجل قد نشأ بين جماعة محافظة تؤمن بالحجاب الشديد وتعتبره دليلاً على عفة المرأة وعلى شرفها. فهذا الرجل قد إرتبط في عقله مفهوم الحجاب بمفهوم الشرف، وتركزت في أعماق نفسه قاعدة منطقية لا تقبل الشك مؤداها: أن المرأة التي لا تتشدد في حجابها لا عفة لها ولا شرف في عائلتها. ومهما حاولت أن تقنع هذا الرجل بأنه لا صلة منطقية هنالك بين العفة والحجاب أنكر ذلك وإتهمك بالمكابرة وجمود التفكير أو ضعف الخلق. أنه يقيس الأمور ويميز بين المعقول وغير المعقول على أساس القواعد التي تلقنها في مجتمعه، ولن يستطيع الجدل المنطقي الذي تأتي به أن يقنع هذا الرجل بخلاف ما تعود عليه. ولعله قد يوافق على رأيك تأدّباً أو خوفاً ولكنه يظل باقياً على رأيه القديم لا يحيد عنه حتى تتغير تلك القواعد الكامنة في أعماق نفسه. وهذا أمر لا يتم إلا إذا إتصل هذا الرجل بجماعة أخرى وإتخذ له نفساً جديدة تعكس شعورها وتترنم بأغنيتها.