أحلام الخليفة كتاب يتفق مع كتب تفسير الأحلام المعروفة في المصادر العربية في أنه يقدم في كثير من الأحيان ما قاله المفسرون المسلمون العرب وغيرهم في تأويل رؤى المنام، غير أنه يتميز في هذه الناحية بأنه يشير إلى دلالات بعض الأمور العصرية التي قد تظهر في الأحلام كـ ضربة الجزاء وركوب الدراجة وأكل السجق.. إلخ (وذلك كما جاء في الباث الثاني من هذا الكتاب)، مما يضيف إلى المكتبة العربية في هذا المضمار، ويشير كذلك إلى إسهام الأحلام في تأليف كثير من الأعمال الأدبية القديمة والحديثة. ويختلف كتاب أحلام الخليفة عن الكتب التي ألفت في الأحلام في أنه جاء بحيثيات جديدة تماماً، فقد قدمت لنا الكاتبة هنا قصص المنام في ثوب جديد من المعالجة. وأول ما يمكن إبرازه من هذا التجديد هو معالجتها لموضوع حكايات الأحلام التي يغلب عليه صفة القصص الشعبي معالجة أكاديمية منظمة تنظيماً موضوعياً. هذا وأن تعمُّد الكاتبة من البداية تناول موضوع الأحلام في ثوب أكاديمي جعلها تقسّم كتابها إلى أبواب عشرة، لم تنطلق في تحديد مواضيعها من بحث تأويل الأحلام التي تعالجها، وإنما انطلقت من تأثير هذه الأحلام وتفسيراتها على حركة الحياة قاطبة، مما جعل الكتاب قادراً على أن يمنح القارئ إطلالة عامة، ليس فقط على تاريخ المسلمين وتراثهم بالمفهوم التدويني القاصر لكلمة تاريخ، بل يتسلل الكتاب هنا من خلال الأحلام إلى أعماق حياة المسلمين الاجتماعية والسياسية والدينية والأدبية. وقد تميّز الكتاب أيضاً في محاولته الجمع بين أطراف الموضوعات المختلفة على مستوى العالم المسلم أجمع، مما قد يضع عن كاهل القارئ الأوزار التي فرضتها الحدود السياسية الواقفة حاجزاً دون التعرف على الآخر في الجوار، الذي ينتمي إلى نفس الحضارة والثقافة وربما اللغة، بل إن الكتاب يلقي الضوء وفي مواضيع كثيرة منه على ثقافات الأحلام في حضارات أخرى غير إسلامية. وقد أظهرت الكاتبة عبقريتها بأن أقحمت أحلامها الخاصة تناسباً مع الموضوعات التي تناولتها في كل باب أو فصل. بالإضافة إلى ذلك يتميّز الكتاب في تعريف الآخر عن تراثنا الإسلامي، وخاصة أن هذا الآخر ليس بالشخصية العادية، بالمؤلفة بمثابة بجر زاخر في علوم التراث الإسلامي، ولها من الشهرة والصيت شيوع وذيوع، لا يخفى على أي مثقف عربي.