هذا كتاب طريف في عنوانه ومادته ألفه محمد بن خلف ابن المزربان المحولي سنة 309 للهجرة الموافق لسنة 921 ميلادية، وجمع فيه كل ما جاء في "فضل الكلاب على شرار الأخوان ومحمود خصاله في السرد الإعلان..." وإذا ما عدنا لعنوان هذا الكتاب ولمادته لوجدنا أن ابن المزربان قد اختبار لكتابه عنواناً مطولاً، لخص فيه موضوع كتابه من جملة مدهشة، لاذعة وساخرة وحتى ملتبسة المعنى، فإضافة إلى المعنى الواضح والأولى، معنى أفضلية الكلاب، فإن اختيار الكلمات عند ابن المزربان تلمح إلى أفضال الكلاب على الكثير من البشر، وهذا المعنى المبطن تؤكده قصص الكتاب الأخيرة. أما عن مادة الكتاب فيقول ابن المزربان أنه تصنيفه لهذا الكتاب كان نزولاً على اقتراح صديق له، حيث طلب منه تأليف كتاب يظهر فساد أخلاق البشر وسوء علاقاتهم ببعضهم البعض، فوافقه على هذا ابن المزربان، وسعى لإعداد كتابه اللغز هذا والذي جمع فيه كل ما وقع تحت يديه من أشعار خاضت بهذا الأمر، وإذا ما حاولنا استشفاف ما كتبه ابن المزربان من قصائد نقرأ بكاءه على النوع البشري، وما أصابه من تغير. هذا وقد بدأ ابن المزربان شواهده الشعرية بقول الشاعر "ذهب الذين يعاش في أكنافهم..." وفي هذا البيت نلمس صورة حية مأخوذة مكن الحياة اليومية العربية مليئة بالحنين والحزن. هذا ما جاء على صعيد القسم الأول من هذا الكتاب أما القسم الثاني والمعنون بـ": أفضل أصدقاء الحيوان" فسرد ابن المزربان حكايا ونوادر طريفة وسافرة. ومن أجل الدفاع عن فكرة كتابه فقد لجأ إلى الاستشهاد ببعض أقوال الرسول وأقوال صحابته وأقوال الأسماء المعروفة في الإسلام، وقد التجأ أيضاً إلى سرد حكايات من وقت متأخر، سائلاً أصدقاءه في لهفة "هل تعرفون شيئاً في هذا السياق؟ وهي حكايات لا تتبع نظاماً محدداً ويبدو أنها وصلته بالرواية. وبناء عليه فإن ابن المزربان هو جامع ومصنف هذه الكتابات وليس كاتبها، ويبدو أنه قد احتفظ بقصة معبرة ليختم بها كتابه، وهي قصة حول كلب مخلص قتله صاحبه بعد أن أنقذ حياة ابنه، وحتى نعود إلى الحديث عن أسلوب الجزء الثالث من الكتاب، فإن الحكايات قد رتبت في أسلوب بسيط ومباشر، إنه باختصار مثال رائع على أسلوب الحكي الكلاسي، هذا الأسلوب الذي يجمع بين ميزات أسلوب المقامات المليء بالمحسنات البديعية من جهة ومن جهة ثابتة مميزات أسلوب القصص الشعبي مختلطاً بالعامية. إنه أسلوب بشبه الأسلوب العربي اليوم.