شيخ الليل

أسواق صنعاء ومجتمعها

$ 10

كانت مركزية الأسواق في المدينة تنجم على نحوٍ مفارقٍ من أنّها تمثّل فضاءً يستهلّ الفضاء الحضري. فهي في الآن عينه مكان اللقاء والتبادل لجميع مكونات المدينة، مكان الاختلاط الاجتماعي والمهني، كما أنّها لعبت دور صلة الوصل بين المدينة وعالم الريف، بين المدينة والغريب القريب أو البعيد. هكذا يمكن النظر إلى السوق بوصفه باباً داخلياً للمدينة بفعل تحكّمه بالنفاذ إليها ويقصره على جزءٍ من أراضيه. إنّ شكل الأسواق، وهي تجاور الباب الجنوبي للمدينة القديمة (باب اليمن) وتشكل فضاءً شبه متمركزٍ مفصول تماماً عن الأحياء السكنية، هو التعبير الأوضح عن وظيفة العتبة تلك. لكن كان يمكن أن تبقى هذه الوظيفة استعاريةً فقط لولا أنّ عناصر أخرى في ترتيب الأسواق الفضائي والمؤسساتي لم تأت لتضاف لمماثلة السوق بمنطقةٍ حدوديةٍ تحمي المدينة من التعدّي القبَلي. كان جزءٌ من البنية المادية للسوق، كالسماسر وأبراج الحراسة، يقوم بهذه الوظيفة الدفاعية، حيث يمثّل جداراً ثانياً للمدينة عبر حصر ضرورات التبادل داخل فضائه. وكانت السماسر تستخدم في الحفاظ على الحميمية الجماعاتية في الأحياء، فضلاً عن فائدتها الاقتصادية، كتخزين البضائع والقيام بدور الربط بين تجار الجملة وتجار المفرّق. وكانت مكان إقامة التجّار المتجوّلين وكان من بين مهام شيخ الليل، فضلاً عن مراقبة السوق ليلاً، التأكّد من هويّتهم وتحرّكاتهم. وبالتوازي مع التنظيم البلدي، يستحقّ مظهرٌ آخر لتنظيم السوق الذكر نظراً لأنّه يقترح، في تجاوزٍ لمظهره الاقتصادي، إقامة منطقةٍ حدوديةٍ بين الوسطين الريفي والمديني. هكذا، كانت ظاهرة سمسرة المنتجات الغذائية أو المواد الأولية تسيّر صلات السوق مع الوسط الريفي وبالتالي القبَلي عبر بعض أنماط الوسطاء التجاريين، المصلح والوكيل.

Releases Date 2021
Category علوم إجتماعية / علم إجتماع
Edition 2
Cover Type Normal
ISBN 978-6589-09-818-8
#Pages 258
Available Volumes 1
Size 21*14