نسخة محدثة ومصححة.
بعد مرور أكثر من عقدين على صدور الطبعة الأولى من مؤلفي هذا عن "جغرافية التوراة" أو "جغرافية العهد القديم" رأيت ضرورة إصدار طبعة جديدة مصححة وموسعة، تأخد أيضاً في الإعتبار المعارف العلمية التي إكتسبتها في هذا المجال العلمي، سواء من قراءاتي المستمرة عن المادة وكل ما يصدر عنها من جديد، أو من النقاشات التي أجريتها مع بعض أهل الإختصاص في الغرب، وكذلك من الملاحظات التي أبداها بعض الأصدقاء والزملاء الذين رغبوا في توسيع معارفهم عنها.
لقد أظهرت النقاشات للموضوعة التي صدرت في بعض الصحف الناطقة بالعربية جهل كامل بجوهر المادة وعدم دراية بأصول البحث العلمي فيها. ف"جغرافية التوراة"، جزء لا يتجزأ من مادة "الدراسات الكتابية"، وليست مجرد لوائح وقائم بأسماء مواقع بلدات كانت أو تضاريس، كما فعل البعض. ولذلك فقد أثريت هذه الطبعة بعرض مسهب لموضوع "الدراسات الكتابية" ومختلف فروعها، والذي يظهر مدى تعقد هذه المسألة وأن البحث فيها يسمى "عش العقارب" أو "عش الأفاعي" لأن أي غلطة كبيرة يرتكبها الباحث عادة ما تكون الأخيرة!.
كما عملت في هذا المؤلف على مقارنة ما وصلت إليه من إستنتاجات بتحليلي نصوص توراتية محددة بنصوص مصرية قديمة مرتبطة بغزوات تحتمس الثالث التي "خلدها" في قائمتين تسميان "قائمة فلسطين" و"قائمة نهارينا" محفورة في جدران معبد الكرنك (أنطر الغلاف)، ومن ثم مقارنة ما ورد فيها بنصوص وقوائم جغرافية توراتية ترد في سفري يشوع وأخبار الأيام، لتبين إن كانت قراءتي للنصوص صحيحة وتعكس تكاملاً بينهما.
ورأيت ضرورة إثراء هذه الطبعة بحوار مفصل أجريته مع الأستاذ الراحل كمال الصليبي في عمان عندما كان مقيماً هناك نشرته وقته في كتيب نفذ من السوق، إضافة إلى لقاء آخر، أحدث من سابقه، أجريته معه ونشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية. اللقاءان يثيران الحوار في "الموضوعة الكمالية" ويساعدنا، من منظورنا، القارئ غير المتخصص، في معرفة جوانب قد لا تكون واضحة في أي من المؤلفات ذات الصلة.